الأربعاء، أبريل 29، 2009

في ذكرى المهزلة ... كنت شاهدا



سيظل يوم الخامس عشر من أبريل لعام 2008 محفورا في ذاكرتي وذاكرة كل شرفاء هذا الوطن ففي هذا اليوم شهدت الدنيا حكم الظالمين , حكم الطغاة والفراعين

إنها ذكرى الحكم على أربعون إصلاحيا من شرفاء هذا الوطن وإحالتهم الى المحكمة العسكرية والحكم عليهم بأحكام مختلفه تراوحت بين ثلاث سنوات الى عشر سنوات


شهدت الدنيا إختلال ميزان الأرض لتطغى سطوة الباطل على قوه الحق ولكن إذا اختل ميزان الأرض فميزان السماء لا يختل أبدا , وإذا ضاعت عدالة الأرض فعدالة الله ستظل أبدا مسلطه على رقاب الجبارين

الطريق إلى الهايكستب


ثلاث ساعات على الأقل قضيتها في الطريق إلى الهايكستب في حين أن هذا الطريق لا يأخذ في الأيام العادية أكثر من ساعة ونصف إلا أن الطريق كان مزدحما بشكل لم أره من قبل بالإضافه إلى لجان أمن الدولة التي ملأت الطريق إلى المحكمة والتي كانت عبارة عن مصائد لكل من يتم الشك فيه أنه من الإخوان أو أنه ذاهب الى المحكمة العسكرية , وأصحاب السيارات الملاكي كان لهم النصيب الأكبر في هذه المصائد التي ملأت الطريق





في ساحة المهزلة

وصلت بصعوبة إلى مكان التجمع وطبعا كل الأماكن المؤدية إلى المحكمة مغلقه ولا يستطيع أحد أن يتقدم نحوها نظرا لهول المطلع من الحشود الأمنيه التى لم نرى مثلها من قبل , وقد علمنا بعد ذلك أنه كان هناك إستنفار لكل الأجهزه الأمنيه حتى جهاز مكافحة المخدرات كان موجودا !!!


تجمعنا وأسر المعتقلين على حافه الطريق ورفعنا اللافتات التى تطالب باطلاق سراح المعتقلين وإنهاء هذة المهزلة إلا أننا لم نقف كثيرا فقد جائت الينا قيدات امن الدوله والشرطه والأمن المركزى مهددين ومتوعدين أننا إن لم نذهب فورا ونخلى المكان سيتم إعتقالنا جميعا , فطلبنا منهم أن يحددوا لنا مكان نتجمع فيه فقالوا لنا : اذهبوا الى دار القضاء العالى بوسط البلد , وبالطبع كان هذا الكلام موضع سخريه ولم نستجب لتهديداتهم وتجمعنا وبدأنا فى الهتاف مرددين " حسبنا الله ونعم الوكيل "

لكن لم يكن كلامهم هذا مجرد تهديد فقد اتضح بعد ذلك أنهم تلقوا تعليمات مشدده من قياداتهم بعدم وجود جنس مخلوق فى ساحة منطقة الهايكستب والتعامل معنا بأى شكل من الأشكال فكل الخيارات متاحه وبالفعل وجدنا جنود الأمن المركزي يحيطون بنا من كل اتجاه , وبدأوا فى اعتقال كل من تطال أيديهم

وفجأه تحول المكان الى ساحة للجرى والضرب والصراخ والاعتقال , فالأمهات يرون أبنائهم يعتقلون أمامهم وبناتهم يتم الاعتداء عليهم بالضرب

تفرق الجميع فمن استطاع أن يهرب هرب , أما الغالبيه – وأنا منهم – فقد حالفنا القدر أن نقع فريسه لجنود الأمن المركزى

داخل سيارة الترحيلات

بالرغم من أنها ليست المرة الاولى التى يتم فيها اختطافنا من قبل مباحث أمن الدوله إلا انها كانت المرة الاولى التى نتشرف فيها بركوب سيارة الترحيلات , فكل المرات السابقه كان يتم الاختطاف فى سيارات خاصه أو أجرة

بعد ان صعدنا جميعا داخل سيارة الترحيلات وقاموا بمصادرة أجهزة المحمول والبطاقات الشخصيه دخل علينا أحد زبانية أمن الدوله وقال فى عتو وصلف : كلكم شوية صيع ياللا قولوا لى بياناتكم , وبدأ كل منا يملى عليه بياناته فاذا به يفاجأ بأن " الشوية الصيع " عباره عن طلاب جامعات وأصحاب ماجيستير ومهندسين ومدرسين وتجار فقال له أحدنا : هما دول شويه الصيع اللى انت بتتكلم عنهم ؟!فبهت الذى طغى ولم يستطع ان يرد

صبرا آل مالك

فوجئنا أثناء تعارف بعضنا على بعض أن من بيننا حمزه ابن المهندس حسن مالك وبالطبع كان تعجبنا فى محله لأنه ان كان وجودنا نحن يسبب هيستيريا لأجهزة الأمن فليس أقل من أن يشهد حمزه واخوته مصير والدهم

وكنت أقول لحمزه : يبتلى المؤمن على قدر دينه وأنتم آل مالك – نحسبكم كذالك ولا نزكيكم عل الله – يزيد الله فى ابتلائكم لقوة وصلابة ايمانكم فلا يكفى أن يسجن الأب حتى يكون الابن معه ثم كانت المفاجأة الاخرى حين ذهبنا الى معسكر الأمن المركزى وتم تقسيمنا الى عنابر فوجدنا أحمد الأخ الأصغر لحمزة موجودا معنا فى نفس العنبر حينها التفت لحمزه وقلت له : بقوا ثلاثه ! فنظر الىّ وابتسم ابتسامة الراضى المستسلم لقضاء الله وقدره

عجبا لتلك الأسره , الأب يتم اعتقاله ثم الحكم عليه بسبع سنوات ومصادره أمواله وتوقف مشاريعه التى تعدت ملايين الجنيهات ثم يتم اعتقال إثنين من أبنائه ( حمزه وأحمد ) والإعتداء بالضرب على ابنته خديخه من أحد اندال أمن الدوله , كل ذلك فى نفس اليوم الذى يتم فيه النطق بالحكم

حقا لا أجد ما أقوله لكم الا ما قاله قدوتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا ياسر وزوجته وابنه عمار حين اشتد بهم الايذاء قال لهم : صبرا ال ياسر ان موعدكم الجنه فنقول لكم : صبرا آل مالك ان موعدكم الجنه ,

كم هى الدنيا حقيره اذا قارناها بنعيم الآخره وجوار رب العزه سبحانه وتعالى فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

إليكم أيها الأطهار

إليكم أنتم أيها الشرفاء , إلى آبائي واخوانى ومن أباهى الدنيا بأخوتهم , إلى الشاطر ومالك وإخوانهما هي أقدار الله عز وجل قد اقتضت أن يكون طريق أصحاب الدعوات وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلين كله ابتلاءات

فكنتم أنتم في مقدمة الصفوف التي خرجت تضحى بنفسها وبمالها وما تملك فى سبيل إعلاء كلمة الحق ونصرة أهله

الأمة كلها تنظر إليكم نظر إكبار فاثبتوا لتثبت بثباتكم وتذكروا أن هذا السجن الذي أنتم فيه الآن سبقكم إليه نبي الله يوسف علية السلام , بل وبنفس المدة أيضا ( فلبث في السجن بضع سنين ) فاصبروا صبر يوسف ليمكن الله لكم كما مكن له

إقض ما أنت قاض

أما أنت أيها الفرعون القابع في قصرك فاصدر أوامرك كما تشاء إلى قضاتك العسكر , فها هم أتباع محمد يهتفون كما هتف أتباع موسى من قبل في وجه فرعون مصر الأول ( فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا آمنا برنا ليغفر لنا خطايانا )

سنقف نحن وأنت أمام الحكم العدل يوم القيامة , ويومها لن ينفعك سلطانك , ولن تنفعك أجهزتك الأمنية التي تبطش بها بطش الجبارين , ولن ينفعك أيضا قضاتك العسكر

( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرف وأفئدتهم هواء)

هناك 14 تعليقًا:

  1. فى ظل المهزلة كنت غائبا

    للاسف الشديد انى فى ذلك اليوم لم استطع الحضور فقد تاخرت عن الميعاد بسبب الانشغال فى العمل وكان عملى داخل مدينة الشروق واثناء عودتى مررت على مكان المهزله وعلمت انه كانت هناك (مجزره)..!فاتصلت باخوانى فاخبارونى انك فى معسكر الامن المركزى فحزنت حزن شديد على الوطن الذى يعاقب الشرفاء لشرفهم ويحاكمهم امام المحاكم الظالم اهلها ثم فرحت لاخوانى ان التاريخ لن ينسى يوما ابدا مجدهم وذل الاخرين الجبناء والله اسأل انيجمعنا بهم عن قريب ونفرح معا بنصر الله لنا وقهر الطواغيت ...يوماً غبت فيه عن المهزله،،،،،

    ردحذف
  2. نورت المدونه يا ريس
    للأسف يا هاني أيامنا كلها فى ظل هذا الفرعون وحاشيته أصبحت مهازل
    فإذا فاتك يوم فغيره كثير حتى يأذن الله بغرق الفرعون في ظلمات ظلمه وجهله
    وما ذلك على الله بعزيز

    ردحذف
  3. ستظل هذه الذكرى او الذكريات الاليمه عالقه فى اذهناننا جميعا فالشرفاء يكونوا دائما بالذاكره لانهم قدوتنا و قادتنا جزيتم خيرا على طرح الموضوع
    و ان كنا فى معزل عن ان نرى ما حدث فلقد رأيناه من خلالكم

    ردحذف
  4. وجزاك أخي ( غير معرف )
    وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منهم ويمن عليهم بفرجه قريب

    ردحذف
  5. تائهه ف دروب الحياة9 نوفمبر 2009 في 1:32 ص

    لقد ابدعت حين وصفت وكأنى كنت معكم وشهدت تلك الجزره فصبرا لكم ال الشرف فان موعدكم الجنة باذن الله

    ردحذف
  6. جزاكي الله خيرا أختى الفاضله
    نسأل الله سبحانه ان يكون ملتقانا جميعا فى جنات عدن عند مليك مقتدر
    عندها فقط سنسترخص ما بذلناه وسنتمنى أن لو كنا بذلنا أروحنا فداءا لدينه ودعوته

    ردحذف
  7. لا تدعنا نتظر طويلا19 فبراير 2010 في 2:15 م

    فين كتاباتك يا استاذ ممدوح

    هننتظر اكتر من كدا

    اكتب عبر

    حتى تعلم الدنيا بأنا

    لا نرضى بغير الاسلام دينا

    ولا عز لنا الا به

    ننتظر كتاباتك

    الى الامااااااااااااام بخطى ثابته

    ردحذف
  8. استاذ ممدوح حضرتك مش بترد على الناس اللى علقت على مواضيعك فى المدونه و مش بتنزل مواضيع من فتره ياترى حضرتك مشغول ولا نسيت المدونه ؟؟..
    لو مشغول حضرتك سبق و عرضت عليا انى اشارك فى المدونه دى و انا دلوقتى مستعده لده لحد ما حضرتك تفضى و ترجع لها اتمنى ترد او حتى تقرأ ردى و شكرا يا فندم

    ردحذف
  9. الأخ الفاضل ( لا تدعنا نتظر طويلا )
    جزاك الله خيرا
    وان شاء الله لن تنتظر طويلا
    وسأعود قريبا للمدونه

    ردحذف
  10. الأخت الفاضله ( غير معروف )
    أنا بعتذر على عدم ردي على بعض الردود
    وانا فعلا انشغلت عن المدونه فى الفتره الماضيه لكن ان شاءالله سأعود لها قريبا
    لكن بالنسبه لعرضى على حضرتك المشاركه فى المدونه
    انا مش عارف حضرتك مين من خلال الإسم ( غير معروف )؟
    وجزاكي الله خيرا

    ردحذف
  11. انا ايمان اسماعيل

    و ياريت تساعدنى فى انشاء مدونه

    لانى تعبت جداااا من كتر المحاولات فى انشاء مدونه

    انا عارفه انك مشغول بس بجد لما ملقتش حد غيرك

    طلبت من حضرتك ياريت حضرتك تساعدنى فى ده

    ردحذف
  12. أنا بعت لك رساله على الميل يا إيمان

    ردحذف
  13. حسبنا الله ونعم الوكيل هذا اليوم سيظل لعنة وعار على الظالمين بجد حسبي الله ونعم الوكيل

    ردحذف
  14. جزاك الله خيرا أخى محمد
    وبالتأكيد سيطل لعنه على الظالمين فى الدنيا قبل الآخره

    ردحذف